من تركيا إلى البرازيل. ومن أوكرانيا إلى تايلاند...كوكب غاضب...

Publié par BLADCOM









 ما الذي يجري في العالم؟
فى العام الرابع على التوالي، تتواصل ثورات الشعوب والمظاهرات الحاشدة في دول كثيرة ما بين متقدمة وصاعدة ونامية، يهب فيها أبناء الشعب بحثا عن آدميتهم المهدرة وحقوقهم الأساسية في الحياة بكرامة وحرية.
ورغم تردي الأحوال الاقتصادية في العالم أجمع وهى وحدها قادرة على إلهاء الناس عن مشاكلهم الأخرى، لكن موجة المظاهرات الأخيرة في كثير من الدول تميزت بالسعي وراء الحفاظ على القيم الإنسانية والمباديء السياسية والاجتماعية الراسخة أكثر من السعي وراء لقمة العيش.
وبعد مظاهرات ما يعرف بـ"الربيع العربي"، ظهرت سلسلة مظاهرات مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية في اليونان والبرتغال وإسبانيا وإسرائيل لفترة، قبل أن تنفجر المظاهرات بعد ذلك في مجموعة من الدول الصاعدة والنامية مثل تركيا والبرازيل وأوكرانيا وتايلاند.
اندلعت أيقونة الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في منتزه "جيزي" بميدان تقسيم في تركيا في مايو الماضي حيث قاد ناشطون بيئيون الاحتجاجات ضد إزالة أشجار في ميدان تقسيم وإعادة إنشاء ثكنة عسكرية عثمانية تهدمت في 1940 مع خطط لاقامة مركز تجاري وتطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب بعد أن هاجمت قوات الشرطة المحتجين، واتسعت رقعة الاحتجاج لتشمل عدة مدن تركية مما أدى إلى وقوع إصابات واعتقالات.
ورغم اعتراف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بتجاوزات الشرطة، ودعوته إلى وقف المظاهرات فورا لكنه أصر على استمرار المشروع. ورغم إعلان الرئيس عبدالله جول وقف خطط تطوير المنتزه وفتح تحقيقات حول لجوء الشرطة للعنف لفض المتظاهرين، الا ان المظاهرات ظلت مستمرة بين الحين والآخر، امتد نطاقها لتصبح بمثابة ثورة على فساد حكومة أردوغان، وبخاصة بعد تفجر أسوأ فضائح الفساد التي تورطت فيها شخصيات نافذة من الدائرة المقربة لرئيس الوزراء، والذي يبدو أن طموحه في التنافس على منصب الرئاسة محل شك.
أما احتجاجات البرازيل الشعبية التي شارك فيها الآلاف، فقد بدأتها حركة تطلق على نفسها اسم "تذكرة مجانية"، وهي كيان محلي ينادي بمجانية المواصلات العامة.
ونظمت المظاهرات في البدء احتجاجا على الزيادة في تذاكر الحافلات والقطارات والمترو في بعض المدن البرازيلية، حتى ضمت أسباب أخرى للاحتجاج مثل قمع الشرطة للمتظاهرين. والاحتجاج على التكاليف الباهظة لبناء وتطوير ملاعب كرة القدم استعدادا لاستضافة كأس العالم عام 2014 رغم اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء.
وبحلول منتصف يونيو، أصبحت الحركة الاحتجاجية الأضخم منذ مظاهرات 1992 ضد رئيس البلاد آنذاك، فيرناندو كولور ميلو. وكما كان الحال في تركيا فقد لجأت الشرطة للعنف في مواجهة المتظاهرين. فما كان من رئيسة البرازيلية ديلما روسيف إلا التعهد مع رؤساء البلديات والمدن الكبرى إلى وضع ميثاق كبير لتحسين الخدمات العامة كما اقترحت إجراء استفتاء عام لتشكيل جمعية تأسيسية بهدف إجراء إصلاح سياسي في البلاد.
أما في أوكرانيا فقد كان المشهد أكثر صخبا حيث خرج المواطنون قبل أسابيع في احتجاجات عفوية في العاصمة كييف بعد أن علقت الحكومة التحضيرات لتوقيع اتفاقية الشراكة واتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة لذلك، طالب المتظاهرون باستقالة الحكومة الحالية، وعزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، كما طالبوا بانتخابات مبكرة للتخلص من النظام الذي يعتبرونه فاسدا ويحاول جذبهم شرقا نحو روسيا على عكس رغبتهم في التوجه غربا والانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.
ووسط إجراءات أمنية مكثفة وقمع متزايد لمنع المظاهرات في العاصمة تحت نير الشتاء القاسي، تتصاعد كل يوم وتيرة الاحتجاجات في بلد لم تنس انها كانت رمزا وانطلاقة للحرية قبل 9 سنوات.
وفي تايلاند أيضا، ورغم حل البرلمان والإعلان عن انتخابات مبكرة في فبراير المقبل، ما زال عشرات الآلاف من المعارضين يواصلون التظاهر لاسقاط حكومة رئيسة الوزراء يانجلوك شيناواترا. فالمعركة التي انطلقت بداية شهر ديسمبر، لا يجب أن تنتهي ببعض التعهدات من الحكومة الحالية بل يجب إسقاطها لأن تاكسين شناوترا شقيق بانجلوك مازال يقود المشهد - حسب رأي المعارضة - من المنفى بعد الإطاحة به قبل 3 سنوات.
وقادت المعارضة حملة تحمل عنوان "إغلاق بانكوك" في محاولة لتعطيل كافة مرافق الحياة والمواصلات في العاصمة التايلاندية لإجبار يانجلوك على الاستقالة والدعوة لانتخابات مبكرة في أسرع وقت، رغم أن المعارضة نفسها التي تطالب بهذه الأشياء لا تضمن نجاحها في أي انتخابات مقبلة.
وفي أوكرانيا وتايلاند تحديدا، بلغ الوضع درجة من الخطورة دفعت روسيا إلى الإعلان أن الوضع في أوكرانيا خرج عن السيطرة، بينما أعلن الرئيس الأوكراني أن بلاده في طريقها إلى حرب أهلية حقيقية، في حين أن الجيش في تايلاند بات على أهبة الاستعداد للتدخل بشكل واضح في الأزمة الحالية.
وما زالت المظاهرات مستمرة، وما زالت الشعوب غاضبة من حكوماتها، تستوي في ذلك شعوب الدول الغنية أو الفقيرة أو ما بين هذه وتلك.
فلمن تكون الكلمة العليا في النهاية؟.