كارلوس سليم ذو الأصول العربية..

Publié par BLADCOM

قصة حياة أغني رجل في العالم






كارلوس سليم هو أغني رجل في العالم، حسب تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية الشهيرة. حيث بلغت ثروته حوالي 300.53 مليار دولار، وهو الرقم الذي يجعله يسبق الأسطورة بيل جيتس، والملياردير الأميركي الشهير وارن بافيت. ولكن كارلوس سليم، الذي يملك 6% من إجمالي الناتج المحلي في المكسيك، ليس مليونيراً عادياً، فعلي الرغم من ثروته الطائلة، فإنه يعيش في بيت متواضع من ست غرف، ويقود سيارته بنفسه، وليس لديه اهتمام باليخوت الكبيرة، أو حياة المليارديرات!


والسؤال الآن: من هو هذا الرجل؟

والده
في عام 1902، وصل جوليان سليم حداد، وهو والد كارلوس إلي المكسيك، قادماً من لبنان.
حيث اضطر إلي السفر وحده، وهو في الرابعة عشرة من عمره، ولم يكن يتحدث اللغة الإسبانية التي ينطق بها المكسيكيون، وذلك هرباً من عبودية واستبداد الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت في ذلك الوقت تعمد إلي تجنيد الشباب إجبارياً في الجيش العثماني، ولهذا كانت الأمهات ترسل أبناءهن، أو بالأحري تهربهم، إلي دول أخري قبل وصولهم إلي سنة الخامسة عشرة.
وبالتالي جاء "جوليان" إلي المكسيك، شاباً مليئاً بالنشاط والحماس والأفكار.
وصل في البداية إلي مدينة "فيراكروز"، قبل أن ينتقل بعد ذلك إلي مدينة "تامبيكو وتاماوليباس" والتي استقر بها قبله أربعة من أشقائه، هم: خوسيه، وإلياس، وكارلوس، وبيدرو.
وكان هؤلاء الأشقاء شديدي الاقتناع بإمكانية النجاح سوياً في البلد الذي استقبلهم.
ولكنهم لم يظلوا طويلاً في هذه المدينة، وانتقلوا بعد ذلك إلي مدينة "مكسيكو سيتي"، حيث قام الأخوان "جوليان" و"خوسيه" - الذي كان يكبره بثلاثة عشر عاماً - بتأسيس شركة "نجمة الشرق" وذلك تيمناً بموطنهم الأصلي، وبدأت هذه الشراكة بمبلغ 800.25 بيزو "العملة المكسيكية" بنصيب 50% لكل منهما.
وفي مايو "آيار" من عام 1914، وفي خضم الثورة المكسيكية، اشتري جوليان - البالغ من العمر آنذاك 26 عاماً - حصة شقيقه بمبلغ 000.30 بيزو، واستطاع "جوليان" في أقل من عشر سنوات وبفضل موهبته العملية وأخلاقياته أن يجعل الشركة واحدة من أكبر شركات البضائع الجافة، وأن تحتوي علي بضائع تقدر بأكثر من 000.100 دولار أميركي، كما استطاع أن يشتري 11 عقاراً في أكبر منطقة تجارية في وسط العاصمة.
والدته
وبعد أقل من خمس سنوات، وتحديداً في أغسطس "آب" 1926، تزوج "جوليان" من "ليندا الحلو" - والدة كارلوس سليم - والتي هاجرت أيضاً من لبنان إلي المكسيك مع والديها خوسيه الحلو ووضيحة عطا، في نهاية القرن التاسع عشر، وبعد انتقالهم في العديد من المدن المكسيكية قرروا الاستقرار في العاصمة، ووالدها هو الذي جلب أول مطبعة عربية إلي المكسيك، كما أسس واحدة من أولي المجلات للمجتمع اللبناني في هذا البلد.
أشقاؤه
في عام 1930، أنجب "جوليان" و"ليندا" ابنتهما الكبري "نور" وبعدها بعامين أنجبا ابنتهما الثانية "ألما" ثم بقية أولادهما: جوليان، وخوسيه، وكارلوس، وليندا.
ولد "كارلوس" في 28 يناير "كانون الثاني" من عام 1940 بمدينة مكسيكو سيتي، وتعلم منذ نعومة أظفاره قيمة الأسرة وأولويتها في الحياة.
وقد حصل علي أول الدروس في عالم الأعمال في طفولته، حين أعطي الأب "جوليان" لكل واحد من أولاده دفتر توفير، مع مصروفاتهم الأسبوعية المعتادة، لكي يتعلموا كيفية إدارة الدخل والنفقات، وكانوا يراجعون هذا الدفتر مع الأب، ويقومون بمراجعة النفقات والمشتريات والأنشطة وباتباع هذه القاعدة استطاعوا بعد ذلك إدارة شؤونهم المالية وتنمية ثرواتهم الخاصة.
ومنذ ذلك الوقت، أصبح الاستثمار والتوفير جزءاً من حياة "كارلوس" والذي حوّل هذا الدرس إلي واقع عملي بافتتاحه لحسابه الأول، وشرائه أسهماً في البنك الأهلي المكسيكي، وكان عمره حينها 12 عاماً فقط.
مع والديه وأشقائه الخمسة، نما "كارلوس" في أسرة مترابطة ومتحابة، ولكن في عام 1953 توفي شقيقه "      " فجأة، مما سبب حزناً شديداً للأسرة، وكان "كارلوس" حينها في الثالثة عشرة من عمره.

دراسته
درس "كارلوس" الهندسة المدنية، وتعلم أيضاً الجبر والبرمجة أثناء دراسته، وعمل أستاذاً بها، في الوقت الذي كان فيه طالباً بالهندسة المدنية.
وقد ترك معظم مجالس إدارات شركاته، وواصل نشاطه في مجال الأعمال التجارية، وكذلك ركز جهوده في مجال التعليم والصحة والتوظيف في المكسيك، وذلك من خلال الشركات التي أسسها في مجال البنية التحتية.

زواجه
تزوج "كارلوس" من سمية دوميت عام 1966، وأنجب منها ستة أبناء، هم: كارلوس، ومارك أنطونيو، وباتريك، وسمية، وفانيسا، ويوحنا.
وكان قد التقاها، عندما كانت في الرابعة والعشرين من عمرها، وقرَّبت الصداقة بينهما، وخاصة أنهما من أصل لبناني - مكسيكي.
وسمية هي التي علمته فن النحت، والرسومات، واللوحات، كانت حساسة جداً للفن، حتي أنها في شهر العسل اصطحبته إلي الكثير من صالات الفنون، وزارت معه المتحف البريطاني، والمتحف الوطني ومعظم متاحف أوروبا.
حتي أنهما أثثا شقتهما الجديدة من أحد المزادات، وهناك اشتري "كارلوس" لوحته الأولي، وكانت لوحة مجهولة وليست ذات قيمة كبيرة، ورغم ذلك قاما بتعليقها في المطبخ.
وفي عام 1999 توفيت الزوجة، بعد معاناة مع مرض الفشل الكلوي، وتركت - كما قلنا - ستة أولاد، معظمهم يعمل في إمبراطورية والدهم، خصوصاً أولاده الثلاثة: كارلوس ومارك أنطونيو وباتريك.
وقد فكر "كارلوس" أن يشتري متحفاً، تخليداً لذكراها، ولتضم مجموعاتها من اللوحات التي اقتنتها طوال حياتها.
تزوج أولاده الخمسة، تاركين لوالدهم 18 حفيداً.
وقد استطاع "كارلوس" بمساعدة أولاده، أن يستثمر في حوالي 200 شركة، وأن يمتلك أكبر شركة اتصالات في المكسيك.
إمبراطورية "كارلوس" تشمل أيضاً الخدمات المصرفية، وتجارة التجزئة، والتعدين، والبناء، والمطاعم، والطباعة، والتأمين.
حتي إن اتساع أعماله جعل الكثيرين يقولون إن كل فرد من المكسيكيين ينام علي ملاءات تم شراؤها من متاجره، ويشترون الخبز من مخبز مملوك له، ويقودون سياراتهم إلي العمل في سيارات تم التأمين عليها في مجموعته، ويتصلون بأصدقائهم عبر شبكة المحمول المملوكة له، ويدخنون سجائر من شركته، ولهذا فليس من الغريب أن يشار بعد ذلك إلي هذا البلد علي أنه أرض كارلوس سليم.. أو سليم لاند!


هواياته
إنه مولع بالتاريخ والفن والطبيعة، وتنتشر علي جدران شركاته مجموعة لأشهر اللوحات العالمية لـ "فان جوخ" و"رنوار" وغيرهما، وهو من كبار مشجعي لعبة "البيسبول"، خاصة أنه كان يمارس هذه الرياضة وهو صغير وهو أحد ا لمتعصبين لهذه اللعبة، ومشجع منتظم لفريق "نيويورك يانكيز" ويعتبر موسوعة إحصائيات للمباريات، كما كتب العديد من المقالات الرياضية.
إنه ليس مليونيراً عادياً، بل لعله يكون واحداً من أغرب المليارديرات، فهو يقود سيارته "المرسيدس" بنفسه، في مدينة مزدحمة بالسكان، وكأنه يستمتع بالتحدي، وتحيطه قافلة من حراسه الشخصيين الذين يتبعونه عن كثب في سيارات الدفع الرباعي ذات الزجاج المعتم.
ليس لديه اهتمام باليخوت الكبيرة، ولا يمتلك أي طائرة خاصة، ولم يكن أبداً متباهياً بالمجوهرات أو غيرها من السلع الراقية.
معظم بدلاته من ماركة "بريوني"، أفضل حائكي الملابس الإيطاليين، وساعته "كارتييه" بسيطة وعادية جداً، وحزام لا يقل بساطة من الجلد.
لا يوجد في مكتبه جهاز كمبيوتر، حيث يفضل الحفاظ علي كل ما لديه من بيانات في دفاتر صغيرة.
وعلي الرغم من ثروته الطائلة، فإنه يعيش في بيت متواضع من ست غرف نوم يقع علي بعد ميل من مكتبه.
وما زال محتفظاً بمنزل طفولته الذي تربي فيه وسط أسرته، وهو مكون من طابقين، وشكله قديم من الخارج، ويقبع خلف بوابة معدنية، ويحرسه عدد من الرجال.
لم يسكن أحد بالمنزل، منذ ما يزيد علي 20 عاماً، ولكنه لا يزال ذكري جميلة في حياة آل كارلوس، حتي أنه عندما تزوج "كارلوس" ابن كارلوس الأكبر، تجمعت العائلة في المنزل من أجل صور الزفاف، وإحدي هذه الصور تزين مكتب كارلوس في إحدي شركاته.
المنزل جميل جداً، ويبدو أنه أشبه بمتحف تم الحفاظ عليه ليعكس شباب كارلوس، حيث تصطف علي الجدران الصور العائلية، ولوحات للأشقاء الخمسة، ولوحة ضخمة بألوان الزيت لوالد كارلوس، ورغم أن الوالدين لم يكونا يهويان الفن، إلا أنه كان محاطاً بالكثير من الأشياء الجميلة!